للمرة الأولى منذ تسع سنوات يعيّن الاتحاد اللبناني لكرة القدم مدرباً محلياً على رأس الجهاز الفني للمنتخب الأول هو جمال طه، يعاونه عدد من اللاعبين السابقين والمدربين اللبنانيين أيضاً. هي خطوة مهمة اتخذها إتحاد اللعبة بلا شك، إلا أن ما دفع باتجاهها هي الظروف الإستثنائية التي تعيشها البلاد على أكثر من مستوى.
'بمن حضر'".. غياب الدولار يُبعد المحترفين في الرياضة اللبنانية"
هي مرحلة استثنائية يعيشها لبنان. الهيكل سقط، والرياضة لن تكون بعيدة عن الخسائر الكارثية التي سيتكبدها اللبنانيون جراء سقوط العملة الوطنية، وانفلات الأمور وسط غياب الحلول السياسية والاقتصادية والنقدية. أندية كرة القدم تعاني و"ينهشها" الإفلاس
***
للمرة الأولى منذ تسع سنوات يعيّن الاتحاد اللبناني لكرة القدم مدرباً محلياً على رأس الجهاز الفني للمنتخب الأول هو جمال طه، يعاونه عدد من اللاعبين السابقين والمدربين اللبنانيين أيضاً. هي خطوة مهمة اتخذها إتحاد اللعبة بلا شك، إلا أن ما دفع باتجاهها هي الظروف الإستثنائية التي تعيشها البلاد على أكثر من مستوى.
السبب الأول الذي دفع إلى تعيين جهاز فني لبناني، هو عدم القدرة على تأمين الدولار لدفع رواتب جهاز فني أجنبي، كما كان يحصل في السابق. كما أن واحدة من الأمور المهمة والأساسية التي تدفع بهذا الإتجاه، هو تغيّر سياسات جميع الأندية اللبنانية، واعتمادها على اللاعبين المحليين.
عودة سريعة إلى الوراء ضرورية الآن لقراءة الواقع، ومعرفة الأسباب التي أوصلت كرة القدم إلى ما هي عليه اليوم. منذ حوالي 4 مواسم، بدأت معظم أندية كرة القدم اللبناني تعاني على المستوى الإقتصادي، وبات رؤساء الأندية يحاولون تحديد النفقات قدر الإمكان. طوال تلك الفترة كانت أندية النجمة والعهد والأنصار تصرف الملايين، فيما تبقى باقي الأندية بعيدة عن دائرة المنافسة. في العام 2019 تغيّر كل شيء، فوجدت الأندية حتى تلك الكبيرة، نفسها أمام أزمة حقيقية، وهي تردي الأوضاع الإقتصادية بشكل سريع، مقابل بدء اهتزاز العملة الوطنية. فَسَخت بعض الأندية عقودها مع اللاعبين المحترفين، كونها باتت عاجزة عن تأمين رواتب هؤلاء بالدولار، كما بدأت بالإعتماد على المدرب اللبناني، للحد من الإنفاق أيضاً على المدربين الأجانب الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، ويحتاجون الى تأمين مسكن وسيارة أيضاً.
ظروف البلاد والتدهور المستمر فرض على جميع الأندية اتباع سياسات جديدة، ففُتحت أبواب التفاوض بين اللاعبين والإدارات، ووافق معظم اللاعبون المحليون في مختلف الأندية على تخفيذ رواتبهم، والقبض بالليرة اللبنانية بدلاً من الدولار. المثال الأبرز على ذلك هو ما جرى في نادي الأنصار، الذي أبرز صفقات عالية جداً مع لاعبيه، لكن المفاوضات معهم من أجل تخفيض الرواتب، وإعطائهم مستحقاتهم بالعملة اللبنانية كانت سلسلة للغاية وتمت من دون اي مشاكل. على المقلب الآخر اعتمد نادي العهد (بطل لبنان وآسيا) سياسة أخرى، وهي إعارة لاعبيه المميزين الى أندية آسيوية، أو بيع بعضهم.
تعتمد الأندية اليوم على اللاعبين صغار السن. أولئك اللبنانيين الذين لا يتقاضون رواتب عالية كما في السابق. والثابت عند جميع الإدارات كما لدى مختلف المواطنين في البلاد، هو أن الأزمة المالية والسياسية والاقتصادية لن تنتهي في القريب العاجل، لا بل هي مرشحة كي تستمر لسنوات طويلة، لذلك لا بد من اتخاذ إجراءات قاسية من أجل الاستمرار، وعلى الجميع أن يقدم التضحيات.
أفراد لا مؤسسات
على مدى السنوات اعتمدت الأندية اللبنانية في كرة القدم تحديداً وبعدها في كرة السلة على رجال الأعمال، والدعم السياسي. الأندية مقسمة طائفياً وسياسياً في لبنان، فينتخب الحزب أو الجهة شخصية مقربة منه تملك الأموال لتصرف على النادي، وعندما يذهب هذا الشخص يسقط المشروع ويعود النادي الى الصفر، كما "يتشرد" اللاعبون بحثاً عن ناد جديد، والأمثلة في لبنان كثيرة.
ما يحصل اليوم من ظروف استثنائية، يجب ان تدفع القيمين على الأندية الى اتخاذ إجراءات استثنائية، وبدء العمل على تحويل الأندية إلى مؤسسات تكون قادرة على الصمود رغم الأزمات، ومن دون أن تعتمد بشكل كلي على الرئيس أو الحزب. الأندية بدأت من الصفر الآن، وهي تعتمد على اللاعبين صغار السن. ساعدها بذلك قرار اتحاد كرة القدم بإجبارها على إشراك لاعبين شباب في المباريات، وهو ما سيعطيهم خبرة كبيرة. توفير الأموال بعد التوقف عن التوقيع مع لاعبين أجانب، يجب أن يفتح الباب امام تطوير الفئات العمرية، وتطوير التسويق والملاعب والاستثمار بالمنشآت، من أجل التمهيد للخروج من الأزمة بصورة جيدة، والبناء على التجربة للمستقبل.
هي مرحلة استثنائية تعيشها كرة القدم، لكنها لا تخلوا من الإيجابيات. فعلى الرغم من أن غياب العنصر الأجنبي سيؤثر سلباً على الأداء، إلا أنه سيكون حافزاً للاعبين الصغار ليقدموا أداءً جيداً في محاولة لحجز مكان لهم ضمن التشكيلات الأساسية لأنديتهم، ولكي يلفتوا أنظار الجهاز الفني للمنتخب الأول لكي يقوم باستدعائهم للمباريات التحضيرية، وللتصفيات المؤهلة إلى بطولة آسيا وكأس العالم.
الجهاز الفني الذي اختاره الإتحاد للمنتخب الأول يعتبر من الأفضل في لبنان اليوم (جمال طه مديراً فنياً للمنتخب، كما عيّن المدرب وسام خليل مدرباً مساعداً وأبقى على وحيد فتال مدرباً للحراس ويوسف محمد مستشاراً فنياً، وفؤاد بلهوان مديراً للمنتخب، إضافة إلى الزميل وديع عبد النور منسّقاًً إعلامياً)، وهو سيكون قادراً على تطوير اللاعبين صغار السن، من أجل الظهور بصورة جيدة، وتمثيل لبنان افضل تمثيل خارجياً.
"Related Posts
رياضي لبناني